لمــــاذا كــــان أنس بن مـــالك يبكــــي؟
د. ناصح أمين
كان أنس بن مالك يبكي بكاءً مراً كلما تذكَّر فتح (تُسْتر)! تلك المدينة الفارسية الحصينة
التي حاصروها سنة ونصف، ثم تحقق لهم فتحها. فلماذا كان يبكي كلما تذكّر ذلك الفتح؟
السبب بسيط جداً. لقد فُتح باب حصنها قبيل ساعة الفجر بقليل، وانهمر الجيش داخل
الحصن، فدارت معركة رهيبة في منتهى الضراوة، وكانت كل لحظة تحمل الخطر على الجيش.
وكان الموقف في منتهى الصعوبة، وفي النهاية – وبفضل الله – كتب الله النصر، وانتصروا انتصاراً باهراً. لكن...
لقد تحقق ذلك النصر بعد شروق الشمس!
عندها اكتشفوا أنهم لم يصلّوا صلاة الفجر في موعدها في ذلك اليوم الرهيب! وهذا ما
جعل أنس بن مالك رضي الله عنه يبكي لضياع صلاة الفجر ولو مرة واحدة في حياته. يبكي
وهو معذور، بل الجيش كله معذور، لانشغاله بالجهاد.
هل يمكن أن نفهم من هذه القصة لماذا كان أولئك يُنصرون؟ لقد أخذوا بأسباب النصر،
والأسباب ليست هي الأسباب المادية فقط. (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
فهل نحن جاهزون لطلب النصر ممن بيده كل شيء؟ وهل قمنا
بواجباتنا قبل أن نطالب بحقوقنا؟ (ولينصرن اللهُ من ينصره. إن الله لقوي عزيز).