خالد المحاميد


الوجه الكالح واللغة الكلبية التي ظهر فيها سفير عصابة آل الأسد في
الجامعة العربية أحمد يوسف، كانت أكثر بلاغة من أي كلام عن الشعور بالإذلال
والمهانة التي طالت قيادات العصابة التي طالما تبجحت بأنها من أكثر الداعمين للعمل
العربي المشترك،


اليوم أسقطت جامعة الدول العربية ورقة التوت الذي كان يخفي رئيس
العصابة عورته خلفها، منذ أن تبجح علنا في خطابه الذي ألقاه في العشرين من حزيران
2011 قائلا أن جميع الدول العربية تدعمنا، وهو نفس اليوم الذي خرج علينا فيه كتلة الشحم وليد المعلم ليقول
للصحفيين " لا أريد أن أقول كم من الاتصالات جرت معنا للتعبير عن مساندة القادة
العرب لسورية"


كان بودنا أن يقول المعلم، كم هو حجم هذه الاتصالات العربية التي
ساندت سياسة القتل ونتمنى أنه لو يجيب على سؤالنا الآن: لماذا تخلى عنه الزعماء
العرب؟ ولماذا يرفعون الحماية عنه اليوم ؟


توقعت في الأمس أن لا تتخذ الجامعة العربية قرارا بتعليق عضوية سوريا،
وسبب هذا التوقع هو أن قرارا مثل هذا يعني بالمفهوم السياسي نزع الشرعية عن عصابات
آل الأسد، ووقف التعامل معها بوصفها ممثلا للشعب السوري، وهو ما أشار إليه بيان
وزراء خارجية الدول العربية اليوم السبت 12/11/2011 في مطالبته للدول العربية بسحب
سفرائها من سوريا.


إن قرارا مثل هذا من الصعوبة التوافق عليه مالم تكن أكثرية دول
الجامعة قد أيقنت بما لا يدع مجالا للشك، بأن عصابة آل الأسد ترفض تنفيذ بنود
المبادرة العربية، وهو أمر لم يكن مؤكدا حتى قبل ساعات من عقد جلسة مجلس وزراء
الخارجية العرب، فعصابة آل الأسد أرسلت خطابا مستعجلا لمجلس وزراء الخارجية العرب
تقول فيه، أنها نفذت جميع بنود الإتفاق، وهو أمر أثار سخرية بعض وزراء الخارجية،
فعصابات الأسد قتلت قبل 20 ساعة على عقد الاجتماع أربعين متظاهرا، وشوهدت دبابات
الجيش وقوى والعربات المصفحة والشبيحة في شوارع المدن السورية قبل أربع ساعات من
عقد الاجتماع، ومع ذلك وقف ممثل عصابة آل الأسد في الجامعة العربية ليكذب بكل
وقاحة قائلا: أن جميع المدن السورية خالية من المظاهر المسلحة، في هذا الوقت الذي
كان يلقي فيه ممثل العصابة كلمته في قاعة الاجتماعات ، كانت تصلني أخبار من مدينة
درعا عن مواجهة مسلحة بين حاجز للجيش، وعناصر منشقة تعمل تحت لواء الجيش السوري
الحر.


من غير المدهش أن تكذب وسائل إعلام عصابة الأسد والناطقون باسمه وأبواقه
على السوريين والعرب وأمام أنظار العالم كله، لكن المدهش حقا هو أن تكذب عصابة آل
الأسد على نفسها، فتدعي إنها سحبت جيشها وشبيحتها وأجهزتها الأمنية من المدن
السورية، بينما يشاهد العالم دقيقة بدقيقة بالصورة والصوت الأفعال المشينة
والجرائم التي ترتكبها عصابات الأسد، يدعي انه نفذ بنود الاتفاقية ومنها إطلاق
سراح المعتقلين الذين وصل عددهم إلى مائة ألف معتقل، ثم يعلن أنه نفذ ذلك بإطلاقه
خمسمائة وخمسين معتقلا.


لا أحد يستطيع أن يفسر سلوك عصابة آل الأسد ، ففي الوقت الذي كان يجب
أن تتجنب إراقة أي دماء قبل يوم واحد من اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي
سيتخذ قرارا بناء على المعطيات الواقعية على الأرض، تقوم العصابات بكل وحشية بقتل أربعين
متظاهرا، من دون أي قلق من ردات الفعل و ازدياد حالة السخط التي ستنتاب الوزراء
العرب، خاصة
أن اللجنة الوزارية وجهت مساء الجمعة 4 نوفمبر "رسالة عاجلة" إلى رئيس العصابة أعربت فيها عن "امتعاضها لاستمرار عمليات القتل"
وطالبت بفعل "ما يلزم لحماية المدنيين"


إن أي سياسي مبتدئ يمكنه أن يفهم أن الرسائل التي توجهها عصابة آل
الأسد إلى مجلس وزراء الخارجية العرب تقول بوضوح، أنني غير عابئ بكم وبقراراتكم،
وأن ما وقعت عليه أمامكم ليس سوى مجرد حبر على ورق.


وهو ما أكده ممثل العصابة في الجامعة بعد صدور قرار تعليق عضوية سوريا ، مصرحا ، إن
القرار لا يساوي الحبر الذي كتب فيه.


إن عقلية مثل هذا لا يمكن فهمها إلا في إطار التحليل النفسي، الذي
سيقودنا بالتأكيد إلى اكتشاف حالة عمى أخلاقي وسياسي وعقلي تعيشه عصابة آل الأسد
بكل مكوناتها، فلم تعد ترى أو تسمع شيئا غير صوتها، ولم تعد تصدق إلا ما تقوله ن
ولم تعد تثق إلا بما تقوم به، فهي تكذب وتصدق أكاذيبها، وليس ثمة تفسير أخر لما
يحدث، إلا إذا فقدنا عقولنا وصدقنا أن عصابة آل الأسد فقدت سيطرتها على كوادرها
وجيشها وشبيحتها ووسائل إعلامها، ولم تعد تعرف مالذي يحدث في سوريا.