وقفة مع قوله تعالى : « هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ؟ »
18 / 1 / 2017
أبو ياسر السوري
============ هذه آية من سورة الرحمن ، عقب الله بها على أصحاب الجنتين ، اللتين كافأ بهما صنفا من البشر خافوا مقام ربهم .. وهم الذين قال فيهم « وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ » .. ثم بين أوصاف هاتين الجنتين ونعيمهما .. فذكر إنهما جنتان « ذَواتا أَفْنانٍ» .. أي ذواتا أغصان ريانة نضرة . و« فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ» .. أي ماؤهما غزير نمير . و« فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ» .. أي فاكهتهما منوعة كثيرة وفيرة .. وأن أهلهما يجلسون فيهما « مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ» أي حرير .. « وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ» .. قريب المتناول .
 ووصف حواريهن فقال « فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» .. أي فهن عفيفات . لا تمتد أبصارهن إلى غير أزواجهن ، مصونات لم يمسسهن إنس ولا جن .
وهن - بعد هذا - ناضرات لامعات : « كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ».
 وأن هاتين الجنتين ، بما فيهما من نعيم ، هن جزاء لمن خاف مقام ربه ، وعبده كأنه يراه .. فبلغ بذلك مرتبة الإحسان كما وصفها رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم بأن تعبد الله كأنك تراه .. - فجوزي بهذا الإحسان ، الذي عبر عنه قوله تعالى : « هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ؟ » أي لا جزاء لمن أحسن عملا في الدنيا إلا الإحسان عليه بهاتين الجنتين اللتين هما في غاية الكمال والجمال .