حقائق تتعلق بالموت نعرفها ونتغافل عنها :
أبو ياسر السوري ..
===============
نعم إنها حقائق قلَّ أن يُشغل بها الناس، وقل من يُحسن الاستعداد لها، وكلنا ذاك الرجل، فلزم التذكير بها لاستحضارها والاستعداد لما بعدها:
( الحقيقة الأولى ) : أن الموت آت لا محالة . فكل من عاش مات . وكل ما هو آتٍ آت .. وإذا وقع الموت . سقط به اسمك . وصار يقال : غسلوا الميت .. كفنوا الميت . احملوا الميت . ادفنوا الميت . صلوا على الميت.. وعند التعزية يقال لأهلك رحم الله الله ميتكم ..
ومع ذلك تجد أكثرنا يعيش على طريقة من لا يريد أن يموت ..
( الحقيقة الثانية ) : بعد وقوع الموت ، يحزن عليك أهلك وأصدقاؤك ومعارفك وجيرانك .. ومع مرور الزمن يتناساك الناس شيئا فشيئا . حتى يجيء يوم لا يذكرك فيه أحد .. أما جسدك الذي كنت تحرص في الدنيا على سلامته وجماله ونظافته ، فسوف يتحول في القبر بعد حين من الدهر إلى تراب ورفات . وكم ممن ملأ الدنيا ذكرهم ، أسدل الموت عليهم ستائر النسيان ، وصاروا في خبر كان . ونسي الناس ما كان منهم من خير أو شر .. ولكنْ هنالك من لا ينسى شيئا من ذلك، إنه ربنا سبحانه وتعالى . فاحرص على أن يذكرك ربك بخير حين ينساك الناس.
( الحقيقة الثالثة ) : أن المرء بعد الموت ، إما أن يُذكر بخير أو بشر ، وإما أن يحزن الناس لموته أو يسعدوا ، وذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : مستريح ومستراح منه . قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبدُ الفاجر يستريح منه العبادُ والبلادُ والشجرُ والدوابُّ .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله : { فما بكت عليهم السماء والأرض} هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟؟
قال : نعم ، إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء فقَدَهُ فبكى عليه . وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه..
وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير ، فلم تبك عليهم السماء والأرض .
( الحقيقة الرابعة ) : أن الدنيا دار ممرٍّ ، وأن الآخرة دار مقرٍّ .. وأن الأموات يكونون في برزخ بينهما إلى أن تقوم الساعة . فمن حسن عمله في دار الممرِّ ، يُبشَّر بالخير بعد موته في حياة البرزخ ، ويُعرض عليه مقامه في الجنة ، فيقول : رب أقم الساعة .. وأما من ساء عمله فيبشر بالشر بعد موته فيقول : رب لا تُقِم الساعة ..
فإذا قامت الساعة ، ومرت أحداثها صار أهل الجنة إلى الجنة . وأهل النار إلى النار . وقيل يا أهل الجنة خلودٌ بلا موت ، ويا أهل النار خلودٌ بلا موت .. وكانت هناك السعادة الأبدية ، أو الشقاء الأبدي .
اللهم إنا نسألك نُزُلَ الشهداء وعيشَ السُّعداء والنصرَ على الأعداء .