الرد على الدكتور على كيالي بخصوص زواج السيدة عائشة رضي الله عنها
الحلقة الثانية 
كتبه : أبو ياسر السوري
10 / 3 / 2017
=================
والآن حان موعد الرد على الدكتور علي منصور كيالي في زعمه أن عمر أم المؤمنين عائشة الصديقة حين تزوجها رسول لم يكن 9 سنوات وإنما كان 25 سنة ، مخالفا في ذلك كل الروايات التاريخية ، والأحاديث والآثار المتعلقة بهذه القضية .. والغريب أن الدكتور الكيالي لم يفند الثابت بثابت أرجح منه، ولا اعتمد الدليل الراجح ، وإنما استند إلى أوهام اخترعها ، وترّهات ألبسها ثوب البحث والتمحيص ، ليتظاهر وكأنه أتى بما لم تستطعه الأوائل ... وليتوصل بذلك إلى التشكيك في صحة ما جاء في كتب الحديث الصحيحة ، ومراجع السيرة النبوية المشهورة .. وإليكم البيان ملتزما أن أضع الفقرة التي كتبها الكيالي .. ثم أتبعها بما ينقضها ويبين زيفها  :
 
مقـالـة اليـوم [ عُمر السيّدة عائشة عند زواجهـا.!!! ]
الدكتور : على منصور كيالي
الجــواب : إن [ عُـمْر السـيّدة عائشـة رضي الله عنهـا و عن أبيهـا ، كان / 25 / سنة عند زواجها ] بالرسول صلى الله عليه و سلّم ، و كانت البداية في محاضرة ألقيتهـا في مدينة [ حلب ] عام 2006 بمناسبة [ حلب عاصمة الثقافة الإسلاميّة ] ، و ذلك [ بـعـدة إثبـاتات ] ، من أجل اليقـين التامّ ، و أوضحتُ في تلكَ المحاضرة هـذه الأمـور .
الإثـبـات الأوّل :
 حـدَثَ عـام الحـزْن [ يوم وفاة السيّدة خديجة الكبرى رضي الله عنها ] ، حدث قبل زواج السيّدة عائشة رضي الله عنها ب / 5 / سنوات . 
 و في [ عـام الحـزْن ] جـاءت [ خـولة بنـت حـكيم ] و عـرضَتْ على الرسول صلى الله عليه و سلّم ، أنْ يتـزوّج إحدى اثنـتـيـن : إنْ ثيّـبـاً : [ سـوْدة بنت زَمَـعَـة ] ، و إنْ بـكْـراً : [ عـائـشـة بنـت أبي بـكْـر ] .
فـإذا تـزوّجت و عُـمـرُها : / 9 / سنـوات كمـا يقولون .
فإنّ عُمـرها في عـام الحُـزْن يكون / 4 / سنوات ، فهلْ يُعْقـل أنْ يُـعْـرَضَ على الرسول فتـاة عمـرُها / 4 / سنوات ؟ ! ! لتـحلّ مـكان [ خديجـة الكبـرى ] رضي الله عنهـا ؟ !!!!!!!!!!!! .

 
ردنا على الكيالي في الإثبات (الأول)
1 – نعم في عام الحزن كان عرض خولة الزواج على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة بنت الصديق ، وسودة بنت زمعة ..
ولكن من أين أتى الكيالي بأن عمر السيدة عائشة رضي الله عنها كان آنذاك /4/ سنوات ؟ فليست هنالك رواية مسندة ولا غير مسندة تؤيد ما قال .. ومعنى ذلك ، أن قوله هذا هو تقوُّلٌ بدون مستند ولا دليل .
فكل روايات المحدثين ، وكل كتب السيرة النبوية ، تقول إن عائشة رضي الله عنها حين عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الحزن كانت قد أتمت السادسة من عمرها ، ودخلت شهوراً في السابعة .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عقد عليها مجرد عقد ، لتكون زوجته حين تنضج ، فما وجه الغرابة في ذلك ..
2 - وفي الواقع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعجل بالعقد على عائشة إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى ، ولحكمة يعلمها ربنا وحده ولا نعلمها نحن ، نعم إن النبي عقد على عائشة بأمر من الله عز وجل ، وليس برغبة شخصية منه صلى الله عليه وسلم . دليل ذلك ما جاء في صحيح البخاري ومسند أحمد  ، أن جبريل عليه السلام أراه عائشة مرتين ، ملفوفة في سرقة من حرير أي في قطعة من جيد الحرير ، وكان جبريل عليه السلام يكشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن وجه عائشة ، ويريه إياها ، ويقول يا محمد : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ..
والذي لا يعرفه الكيالي وأمثاله ، هو أن رؤيا الأنبياء حق ، وأنه يجب على النبي أن يفعل ما أراه الله إياه في المنام . لقوله تعالى في قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ( قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ؟ قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) فقد قال إسماعيل " يا أبت افعل ما تؤمر " لإدراكه أن رؤيا أبيه وحي من الله يجب تنفيذه ، وأن الشيطان لا يتمثل للأنبياء في المنام ..
 
الإثـبـات الثـانـي : 
 إنّ السـيّدة [ أسـماء بنتُ أبي بكـر = الأخت الكـبرى لعـائشـة ] ، كانت أكبر من السيدة عائشـة بحوالي / 7 / سنوات ، و قد توفيّت السيدة [ أسماء ] عام / 70 / هجرية و كان عُمرهـا / 100 / عام وهي عمياء .
-  إذاً : في عام الهجرة كان عُمرهـا / 30 / سنة ، و في سنة [ 22 هجرية = سنة زواج أختها عائشة ] ، أصبح عمرهـا = 32 سنة .
-  و بمـا أنها أكبر من أختهـا ب / 7 / سنوات ، فإنّ عمـر السيدة عائشـة = / 25 / سـنة في عام زواجهـا ، أيْ : 32 - 7 = 25 سنة

 
ردنا على الكيالي في الإثبات (الثاني)
1 – وهنا أيضا نسأل علي كيالي : من أي مصدر علمي عرف أن السيدة أسماء بنت أبي بكر تكبر أختها عائشة بـ /7/ سنوات فقط .. وكل الروايات الحديثية ، والمصادر التاريخية تقول إنها تكبرها باثنتي عشرة ، أو إحدى عشرة سنة ، أو عشر سنوات بإسقاط الكسر من العقد الثاني .. ولكنه اختار الرقم /7 / ليستقيم له الكذب ، مع أنه لم يقل بهذا التقدير أحد سوى الإنترنيت . ولكنه لو اعتمد قول من قال إنها تكبرها بعشر سنوات لما استقام له الكذب على التاريخ .. ولهذا اختلق رقما من عنده ، وتبناه ..  
2 – ونسأل الكيالي أيضا ، لماذا اختار القول بأن أسماء توفيت عن مائة عام ، وهناك عدد من الأقوال في تحديد عمرها عند وفاتها .. فهناك من قال أنها توفيت عن ثمانين سنة ، وهناك من قال عن بضع وسبعين سنة ، وهناك من قال عن بضع وثمانين .. ولكن الكيالي اختار الـ (100) سنة ليحبك الكذبة حبكا وثيقا . وليقوم بعملية جمع وطرح ، يستنتج من خلالها أن عمر عائشة عند زواجها كان (25) سنة .. ولو اعتمدنا تاريخا آخر غير ما قاله الكيالي لما استقام استنتاجه .
3 – وفي العام الأول من الهجرة ، وبعدما أتمت عائشة من عمرها تسع سنوات ، زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،  فبنى بها .. وعلى هذا فتكون أسماء في ذلك العام بنت 19 سنة أو 20 أو 21 سنة على أعلى تقدير ، بحسب اختلاف الروايات في تحديد مقدار السنوات التي كانت أسماء تكبر بها أختها عائشة .. فكيف ومن أين أتى الكيالي بتحديد عمر أسماء بـ 32 سنة .؟ حقا هذا الرجل يفكر بالمقلوب . فيدع الروايات الثابتة ، ويحكم ظنونه في القضية ، وهذا قلب لمنهج البحث العلمي رأسا على عقب .
لقد اختار الكيالي الأرقام التي تروق له بدقة ، ورجح ما شاء ترجيحه بدون مرجح ولا دليل ، ليخدم مقولته الكاذبة ، ويكذب بها الروايات الصحيحة في البخاري ومسند أحمد .. سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم . 

الإثـبات الثـالـث : 
 قبل الدعوة الإسلامية ، كانت السيدة عائشة [ مخطوبة ] إلى شخص هو [ جُـبَـيْر بن المُـطْـعِـم بن عُـدَيْ ] ، و في بداية الدعوة أسلَم أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه و أسلمتْ معه أسـرته ، فأرسل إلى [ جُبيْر ] و طلبَ منه أنْ يُسْلم من أجل استمرار الخطوبة ، لكنّ جُـبيْر لـم يُسلمْ حينهـا ، و تمّ فسْخ الخطوبة .
فإذا كان عُمـرهـا = 10 سنوات .
و بقيَتْ الدعوة الإسلامية في مكّة المكرّمة = 13سـنة .
و تزوّجتْ السيدة عائشة عام / 2 / هجريّة . 
فيكون عُمـرها عند زواجهـا = 10+ 13 + 2 = 25 سنة 

 
ردنا على الكيالي في الإثبات (الثالث)
1 – لم تكن عائشة مخطوبة قبل البعثة كما زعم الكيالي ، لسبب بسيط ، هو أنه لم تكن عائشة قد ولدت بعد . فأمها أم رومان رضي الله عنها قالت إنها ولدتها في السنة الرابعة من البعثة. فليت شعري من الأولى بأن يصدق في هذه القضية.؟ أأنت أم أمها. يا كيالي .؟
2 – ولم يكتف الدكتور كيالي بدعواه كذبا وزورا أن عائشة ولدت قبل البعثة النبوية ، وإنما أضاف إلى تلك الكذبة كذبة أخرى ، فافترض أن عائشة ولدت قبل البعثة ، وأن ميلادها كان قبل البعثة " بعشر سنين " وأتحداه أن يأتي بمرجع واحد مطبوع أو مخطوط يؤيده فيما قال .!!  فكل الروايات الحديثية والتاريخية تقول بأن عائشة رضي الله عنها قد ولدت في السنة الرابعة بعد البعثة النبوية .
3 – ورغم كل التزوير الذي قام به الكيالي في " إثباتاته " التي لم يثبت منها شيء البتة ..  فإنه لم يستقم له الحساب إلا بإضافة كذبة ثالثة - [ فقدر الطبخ لا يركب إلا على ثلاث أثافٍ ] - فكانت كذبته الأخيرة هي ثالثة الأثافي .. فقد ادعى أن زواج السيدة عائشة كان بعد سنتين من الهجرة ، يعني في أوائل السنة الثالثة للهجرة ، وأكد بأن زواجها هذا كان في العام الذي وقعت فيه غزوة بدر .. ولعمر الحق إن هذه الكذبة هي أغبى كذباته ..
تصور معي يا رعاك الله أن دكتورا يكتب ثلاثة أسطر ، فيخالف فيها الحقائق الثابتة في ثلاث .. لقد زعم في الأولى أن عائشة ولدت قبل البعثة بـ 10 سنين .. وزعم في الثانية أنها كانت مخطوبة قبل البعثة لجبير بن مطعم وهي لم تكن جاءت إلى الدنيا بعد .. وزعم أن زواجها كان بعد مضي سنتين من الهجرة النبوية والواقع أن زواجها كان في شوال من السنة الأولى للهجرة أي قبل موقعة بدر بـ 11 شهرا .. ولكن الكيالي تعمد هذا الكذب ليستقيم له الحساب .. والواقع أن زواج عائشة رضي الله عنها كان في شوال بعد قدوم النبي إلى المدينة بخمسة أشهر تقريبا . أي في منتصف السنة الأولى من الهجرة وليس في نهاية السنة الثانية للهجرة كما زعم صاحبنا البروفيسور اللامع  ...
4 - وهنالك مزاعم أخرى ، اخترعها الكيالي ليصنع رتوشا لحكايته المخترعة ، والتي لم يقل فيها كلمة حق ، من [ طاق طاق .. إلى السلام عليكم ..] وإليكم بعض هذه المزاعم :
(1 )  زعم الكيالي : أن عائشة كانت مخطوبة لجبير بن مطعم خطبة رسمية ..
والحق ، أنه لم تكن هناك خطوبة . وإنما الذي كان هو أن مطعم بن عدي كان يرغب في خطبة عائشة لابنه جبير .. فكلم أبا بكر في ذلك ، فوعده أبو بكر خيرا .. ولم يكن بعدها خطبة رسمية . إلى أن خطبها رسول الله لنفسه ..
( 2)  وزعم الكيالي : أن أبا بكر فسخ خطوبة عائشة ، بسبب رفض جبير أن يدخل في الإسلام .. وهذا كذب على التاريخ ، وتزييف للحقيقة .. فالصحيح أن أبا بكر لما علم برغبة النبي في الزواج بعائشة ، ذهب إلى مطعم ليتحلل من وعده إياه بطريقة ما .. فما إن دخل بيت مطعم وسأله علام استقر رأيكم بشأن عائشة وجبير .؟ فبادرت زوجة مطعم فقالت أخشى أن تصبي ابننا فيترك دينه .. لا حاجة لنا بها .. قال أبو بكر : ما قولك يا مطعم .؟ قال : القول ما سمعت ..  وهكذا هيأت الأقدار لأبي بكر أن يتحلل من وعده لمطعم بصورة لا تحرجه بين الناس ..