بسم الله الرحمن الرحيم
رد شبهة الذين يفرقون بالإتباع بين الكتاب والسنة
بسم الله الرحمن الرحيم القائل في كتابه الكريم ( وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} النساء اية ١١٣ 
والصلاة والسلام على رسول الله ذو الخُلق العظيم القائل في الحكمة المنزَله عليه من ربه العزيز الحكيم:-[ذرُوني ما ترَكْتُكم فإنّما هلَك مَن كان قبْلَكم بسؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم فما أُمِرْتُم فأْتوا منه ما استطَعْتُم وما نهَيْتُ عنه فانتَهوا وما أخبَرْتُكم أنّه مِن عندِ الله فهو الَّذي لا شكَّ فيه] أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الالباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وقال شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨) في صحيح ابن حبان إسناده قوي على شرط مسلم والزيادة إسنادها قوي
وبعد
 إلى الذين يفرقون بين الكتاب والسنة بالإتباع لشُبهه فيهم مفادها أن القران قطعي الثبوت وان السنة ظنية الثبوت فيما يزعمون نقول لهم إن الذين نقلوا سند السنة متواترا عن النبيﷺ عن رب العالمين جلا وعلا للأمه هم الذين نقلوا القران متواترا عن النبيﷺ عن رب العالمين جلا وعلا للأمه وكلاهما قطعيان الثبوت لأنهما نُقلا من سندٍ واحد عن طريق الصحابة رضوان الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين جل وعلا و من مصدرٍ واحد وهو الله سبحانه وتعالى جل وعلا الذي تكفل بحفظهما إلى يوم القيامة واذا كان القران الكريم قطعي الدلاله والثبوت دون السنة كما تزعمون كذبا فقد كذبكم القران الكريم المتواتر قطعا بقطع ثبوت السنة المطهرة قطعيا في كثير من آياته القطعية وكفى بالله شهيدا على ذلك ومن هذه الايات ما ذكره الله تعالى في أخر أية سورة الفتح وأول أية الحجرات التي هي بعد سور الفتح ترتيبا وذلك في قوله تعالى :-{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} ثم عقب الله سبحانه وتعالى ترتيلا بعد هذه الاية حسب ترتيب السُور بقوله تعالى :-{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} أي لا تقدموا بأقوالكم وأفعالكم وشؤونكم على أمر و نهي الله عز وجل و رسوله ﷺ في الهدى ودين الحق ولا تنادوا نبيه محمدﷺ مجردا بإسمه بل نادوه مقرونا بالرسالة رسول الله فضلا على أن ترفعوا أصواتكم فوق صوته وهنا جمع الله سبحانه وتعالى مع نبيهﷺ في تلك الآية بواو المعية في عدم التقديم بينهما لأنهما وحيا واحداً من عند الله سبحانه وتعالى وحده فما حرم الله سبحانه وتعالى وأحله في كتابه هو مثل ما حرمهُ أو أحله رسول اللهﷺ في سنته المطهرة إذ لا فرق بينهما اذ هما وحيا واحدا من عند الله وحده قال القرطبي" ومن قدم قوله أو فعله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد قدمه على الله تعالى لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما يأمر عن أمر الله عز وجل " 
ولا شك أنه من يفعل ذلك داخل في هذا الوعيد ولو كان محتجا بقوله بكتاب الله الذي ينهانا عن ذلك في هذه الآية ولنهي النبي ﷺ عن ذلك ايضا فعن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: حَرَّمَ رسولُ الله ﷺ يَومَ خَيْبرَ أشياءَ، ثمَّ قالﷺ:[يوشِكُ أحَدُكم أنْ يُكَذِّبَني وهو مُتَّكِئٌ على أريكتِه يُحَدَّثُ بحَديثي، فيقولُ: بيْننا وبيْنكم كِتابُ الله فما وجَدْنا فيه مِن حلالٍ استَحلَلْناه، وما وجَدْنا فيه مِن حرامٍ حَرَّمْناهُ! ألا وإنّ ما حَرَّم رسولُ الله ﷺ مِثلُ ما حَرَّم الله) قال شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨) في تخريج المسند ١٧١٩٤ صحيح وأخرجه الترمذي (٢٦٦٤) وصححه الالباني في الجامع 
وفي رواية أخرى عند أبي داود (٣٠٥٠)، والبيهقي (١٩١٩٨) باختلاف يسير عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :قال رسول اللهﷺ[ أيحسبُ أحدُكمْ متكئًا على أريكتِهِ أنّ الله تعالى لمْ يحرمْ شيئًا إلّا ما في هذا القرآنِ؟ ! ألا وإنِّي والله قدْ أمَرتُ ووعظتُ ونهيتُ عنْ أشياءَ إنّها كمثلِ القرآنِ أو أكثرُ، وإنّ الله تعالى لمْ يُحِلَّ لكمْ أنْ تدخلوا بيوتَ أهلِ الكتابِ إلا بإذنٍ، ولا ضَرْبَ نسائِهمْ، ولا أكْلَ ثمارِهمْ، إذا أعْطَوكمْ الذي عليهمْ] صححه الالباني في السلسلة الصحيحة 
وبتالي من قدم قوله أو فعله على سنة نبية ﷺ اذا أتاه أمراً أو نهياً من رسول اللهﷺ في السنة بحجة أنه لم ياتِ في القران الكريم فقد قدمه على الله لأن ما أمر رسول اللهﷺ أو نهى في سنته المطهرة إلا وهو من عند الله وحده إذ لا فرق بينهما في كونهما مصدر واحد وهو الله سبحانه وتعالى ومن فرق بين كتاب الله سبحانه وتعالى المنزل بالوحي من عند الله وبين سنة نبيه ﷺ المنزله بالوحي من عند الله في أمرهِما ونهيهما في الإتباع فقد دخل في ذلك الوعيد 
والايات السابقة تدل بشكل صريح على أن كتاب الله عز وجل وسنة رسولهﷺ متحدان في المعنى والمقصود والهداية والعبادة والدلاله القطعية بثبوت الوحي المنزل من عند الله عز وجل ولا يفترقان إلى يوم القيامة وقد أخبر النبيﷺ أيضا عن ذلك بأنهما متحدان لا يفترقان الى يوم القيامه وأنهما هداية من الضلال لمن إتبعهما قولا وعملا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا ما أخذتم بهما أو عملتم بهما كتاب الله وسنتي ولم يتفرقا حتى يردا علي الحوض ] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة وصححه الالباني في السلسلة الصحيحة قال الامام ابن عبد البر المالكي رحمة الله علية:-" وَهَذَا أَيْضًا مَحْفُوظٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ شُهْرَةً يَكَادُ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ الْإِسْنَادِ"
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَﷺ: -[ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحَاقَرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمُونَ إِخَوَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَلَا تَظْلِمُوا وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ] دلائل النبوة للبيهقي( 384 ـ 458 هـ )ج5ص 449 وأخرجه الحاكم وصححه الالباني في فقه السيرة
 ومما يدل على إتحادهما في المعنى والدلاله القطعية والهداية من القران الكريم: أن الله سبحانه وتعالى جعل في كتابه الكريم صراطه المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين بالهداية الكامله برسالته لهم وخَتَمها برسالة سيد الأولين والأخرين الذي أمرنا الله تعالى أن نقتدي بهداه ﷺ الذي هو من عنده سبحانه وتعالى بإتباعه ولم يفرق بينه وبين صراط الله المستقيم بل جعله صراطاّ واحداً منه سبحانه وتعالى لأن كُلاهما من عنده سبحانه وتعالى وحده وليفرق بينه وبين صراط المغضوب عليهم والضالين في عدم إتباع صراطهم كما ذكر الله تعالى لنا ذلك في سورة الفاتحة التي أمرنا رسول اللهﷺ أن نقرءها سبع عشر مرة قي الصلاة وذلك في قوله تعالى:-(اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فهنا جمع الله في تلك الآيتين بين كتابه سبحانه وتعالى وبين سنة نبيه صلى الله عليه وسلم اذ أن صراط الذين انعم الله عليهم بالهداية الكاملة هو نبينا محمد علية الصلاة والسلام الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى مزكيا له في ذلك في سورة الزخرف :-(فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) قال الالباني:فالتمسك بحبل الله - الذي هو بأيدينا - إنما هو العمل بالسنة المُفصلة للقرآن الكريم وقال سبحانه وتعالى عنه في سورة الشورى مزكيا له في ذلك (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ) وقال سبحانه وتعالى عنه في سورتي التوبة و الصف ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ونفى عنه الضلال فقال تعالى عنه في سورة النجم (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)
وقال تعالى عنه في سور القصص:{فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} قال ابن كثير  دليل على أن كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول، فإنه لم يذهب إلى هدى، وإنما ذهب إلى هوى.
اذا فصراط النبي ﷺ الذي أرسله الله سبحانه وتعالى على الهدى المستقيم من الكتاب الكريم والسنة المطهرة لنتبعه بهما هو صراط الله المستقيم ومن فرق بينهما بالإتباع فقد ضل ضلالا بعيداً عن صراط الله المستقيم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:-[خطبنا رسولُ الله ﷺ فقال: يا أيها الناسُ ! كتبَ الله عليكمُ الحجَّ، فقام مِحْصَنٌ الأسديُّ، فقال: أفي كلِّ عامٍ يا رسولَ الله ! فقال: أما إني لو قلتُ: نعم لَوَجَبَتْ، ولو وجَبَتْ ثم تَرَكْتُمْ لضللتم، اسكتوا عنِّي ما سكتُّ عنكم، فإنّما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم] أخرجه البخاري (٧٢٨٨) مختصرًا، ومسلم (١٣٣٧) بنحوه، والطبري في «تفسيره» (١٢٨٠٥) واللفظ له وفي رواية عند الترميذي عن أبي هريرة قال رسول اللهﷺ:-[اترُكوني ما ترَكْتُكُم، فإذا حدَّثتُكُم فخذوا عنِّي فإنّما هلَكَ من كانَ قبلَكُم بِكَثرةِ سؤالِهِم واختلافِهِم على أنبيائِهِم]أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الالباني 
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: جاء عمر بجوامع من التوراة إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله! جوامع من التوراة أخذتها من أخ لي من بني زُرَيق، فتغير وجه رسول اللهﷺ ، فقال عبد الله بن زيد- الذي أُرِيَ الأذان-: أمسخ الله عقلك ؟! ألا ترى الذي بوجه رسول الله ﷺ؟! فقال عمر : رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالقرآن إماماً! فَسُرِّيَ عن رسول الله ﷺ، ثم قال: [والذى نفس محمد بيده لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتمونى لضللتم ضلالا بعيدا أنتم حظى من الأمم وأنا حظكم من النبيين ] أخرجه الهيثمي وصححه الالباني في الصحيحة مج 7 ص 629 
وفي رواية عند أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول اللهﷺ[ لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ] أخرجه احمد في المسند والدارمي في السنن وصححه العلامة الألباني في "الإرواء" (6 /34) وفي رواية عند البيهقي عن جابر بن عبد الله عن النبيِّ ﷺ 'حين أتاه عُمَرُ، فقال: إنّا نسمَعُ أحاديثَ مِن يَهودَ تُعجِبُنا، أفَتَرى أنْ نكتُبَ بعضَها؟ فقال: أمُتهَوِّكونَ أنتم كما تَهَوَّكتِ اليهودُ والنصارى؟! لقد جِئتُكم بها بيضاءَ نَقِيَّةً، ولو كان موسى حيًّا ما وسِعَه إلّا اتِّباعي] أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (١٧٧)، والبغوي في «شرح السنة» وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج شرح السنة حديث حسن وصححه الألباني في الصحيحة وقال رحمة الله عليه في هذا الحديث :-" فإذا كان مثل موسى كليم الله لا يسعه أن يتبع غير النبي صلى الله عليه و سلم فهل يسع ذلك غيره ؟ فهذا من الأدلة القاطعة على وجوب إفراد النبي صلى الله عليه و سلم في الاتباع وهو من لوازم شهادة " أن محمدا رسول الله ﷺ" كتاب الحديث حجة بنفسه
قلت وهذا زجر عظيم في الذين يشكون بسنتهﷺ الغراء النقية التي ليلها كنهارها ولا يزيغ عنها إلا هالك أجرنا الله وإياكم من ذلك ولا شك أن المشككين عنها ومنها لمن أضل الضالين الا أن يتبعوا صراط الله الذي مَنَّ الله به على أمة خاتم المرسلين لينقذهم به بإذن الله من الضلال المبين قال تعالى في سورة ال عمران {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} ومعلوم أن الكتاب والحكمه هما القران الكريم والسنة المطهرة اللذان من التزمهما فقد التزم صراط الله المستقيم ولن يضل بعدهما أبدا كما مر في الحديث الصحيح السابق ومن التزم أحدهما دون الاخر وفرق بينهما فقد ضل ضلالا بعيدا وهو مع المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى الذين فرقوا بين وحي الله تعالى المنزل رحمة للعالمين وأمنوا ببعض وكفروا ببعض قال الله تعالى عنهم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا  أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)سورة النساء أية ١٥٠
فالواجب على كل مسلم بعد ذكر كل هذه الادلة القطعية أن يؤمن بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، ويسلم بها، ولا يتردد بما جاء فيها ، فذلك من مقتضيات الإيمان برسول الله ﷺ الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نؤمن به قال الله تعالى في ذلك :-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم لِّئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيم )سورة الحديد  ٢٨ وقال تعالى عنه { قل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} سورة النحل 158
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللهﷺ: [والَّذي نَفسُ محمدٍ بِيَدِه، لا يَسمَعُ بي أحَدٌ مِن هذه الأمّه ولا يَهوديٌّ ولا نَصرانيٌّ، ومات ولم يُؤمِن بالَّذي أُرسِلْتُ به، إلّا كان مِن أصحابِ النّارِ.] أخرجه مسلم (١٥٣)، وأحمد (٨٢٠٣) واللفظ له وصححه شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨) في تخريج المسند ٨٢٠٣ وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين 
و أخيرا نختم هذه النصيحة بكلام مختصر للعلامة الألباني وهو يعتبر من أحد المجددين لسنة المطهرة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأثرها السيئ على الأمة يقول رحمة الله علية في كتابه: "الحديث حجة بنفسة" 'فصل':- [وجوب الرجوع إلى السنة وتحريم مخالفتها ]: أيها الإخوان الكرام : إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس كما قال الإمام الشافعي رحمه الله في آخر الرسالة :- " لا يحل القياس والخبر موجود " ومثله ما اشتهر عند المتأخرين من علماء الأصول :- " إذا ورد الأثر بطل النظر " " لا اجتهاد في مورد النص " ومستندهم في ذلك الكتاب الكريم والسنة المطهرة 
فأما الكتاب قال تبارك وتعالى :- { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } ( النحل : 44 ) إلى غير ذلك من الآيات المباركات 
وأما السنة فعن أبي رافع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه لا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإنّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ كما حرَّمَ الله) رواه أحمد وأبي داود والطحاوي وغيرهم بسند صحيح  
وعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ أُوتيتُ الكتابَ و ما يعدلُه، يعني: و مثلَه، يُوشِكُ شبعانٌ على أريكتِه يقولُ: بيننا و بينكم هذا الكتابُ، فما كان فيه من حلالٍ أحللناهُ، و ما كان فيه من حرامٍ حرَّمناهُ، ألا و إنّهُ ليس كذلك ألا لا يحلُّ ذو نابٍ من السِّباعِ، و لا الحمارِ الأهليِّ، و لا اللُّقطةُ من مالِ معاهدٍ، إلا أن يستغنيَ عنها، و أيُّما رجلٍ أضاف قومًا فلم يُقْرُوهُ فإنّ له أن يُعقِبَهُم بمثلِ قِراهُ] السلسلة الصحيحة ٢٨٧٠.
وعن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : -[لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر من أمري إما أمرت به وإما نهيت عنه فيقول : ما ندري ما هذا ؟! عندنا كتاب الله ليس هذا فيه!] حديث صحيح ((المشكاة))
وعن العرباض بن سارية قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) صحيح الإرواء
وعن أنس رضي الله عنهـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- (من رغب عن سنتي فليس مني ) رواه مسلم وفي هذه النصوص من الآيات والأحاديث أمور هامة جدا يمكن إجمالها فيما يلي : 
-أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله وكذلك كل شيء جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس في القرآن فهو مثل ما لو جاء في القرآن لعموم قوله ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه )
- أن العصمة من الإنحراف والضلال إنما هو التمسك بالكتاب والسنة وأن ذلك حكم مستمر إلى يوم القيامة فلا يجوز التفريق بين كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 
-لزوم اتباع السنة على كل جيل في العقائد والأحكام  
-أن سنته صلى الله عليه وسلم هي بيان لما أنزل إليه من القرآن وأن القرآن لا يغني عن السنة بل هي مثله في وجوب الطاعة والاتباع وأن المستغني به عنها مخالف للرسول عليه الصلاة والسلام غير مطيع له فهو بذلك مخالف لما سبق من الآيات
أيها الأخوة الكرام هذه النصوص المتقدمة من الكتاب والسنة كما أنها دلت دلالة قاطعة على وجوب اتباع السنة اتباعا مطلقا في كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من لم يرض بالتحاكم إليها والخضوع لها فليس مؤمنا وإني أريد أن ألفت نظركم إلى أنها تدل بعموماتها وإطلاقاتها على أمرين آخرين هامين أيضا 
الأول : أنها تشمل كل من بلغته الدعوة إلى يوم القيامة وذلك صريح في قوله تعالى : { لأنذركم به ومن بلغ } وقوله : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا } وفسره صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث : ( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ) متفق عليه وقوله : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كان من أهل النار ) رواه مسلم وابن منده وغيرهما ( الصحيحة 157 ) 
والثاني : أنها تشمل كل أمر من أمور الدين لا فرق بين ما كان منه عقيدة علمية أو حكما عمليا أو غير ذلك فكما كان يجب على كل صحابي أن يؤمن بذلك كله حين يبلغه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابي آخر عنه كان يجب كذلك على التابعي حين يبلغه عن الصحابي وكما كان لا يجوز للصحابي مثلا أن يرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في العقيدة بحجة أنه خبر آحاد سمعه عن صحابي مثله عنه صلى الله عليه وسلم فكذلك لا يجوز لمن بعده أن يرده بالحجة نفسها مادام أن المخبر به ثقة عنده وهكذا ينبغي أن يستمر الأمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وقد كان الأمر كذلك في عهد التابعين والأئمة المجتهدين كما سيأتي النص بذلك عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى )] [الالباني، الحديث حجة بنفسه - الألباني بختصار شديد وتصرف يسير]